آخر الأخبار

بالريمونتادا.. برشلونة يخطف فوزًا ثمينا ًمن ليفانتي

 ليلة درامية تعيد برشلونة إلى صدارة الليغا بشق الأنفس 

كتب برشلونة فصلاً جديداً في قاموسه المليء بالريمونتادا، مقدماً انتصاراً بشق الأنفس على مضيفه ليفانتي بنتيجة 3-2، في مباراة مثيرة ضمن الجولة الثانية من موسم الدوري الإسباني 2025-2026.

برشلونة - ليفانتي
برشلونة - ليفانتي 

هذا الفوز، الذي تحقق بعد تأخر الفريق الكتالوني بهدفين نظيفين في الشوط الأول، لم يكن مجرد ثلاث نقاط وضعت فريق المدرب هانز فليك على قمة ترتيب الليغا بست نقاط كاملة، بل كان اختباراً قاسياً لشخصية الفريق وقدرته على التحمل في وقت مبكر من الموسم.

كيف فاجأ ليفانتي برشلونة؟ تحليل تكتيكي لمبارة برشلونة وليفانتي

دخل ليفانتي المباراة بخطة تكتيكية واضحة ومدروسة من مدربه خوليان كاليرو، الذي أظهر فهماً عميقاً لنقاط ضعف برشلونة. معتمداً على رسم تكتيكي متحفظ 5-4-1، قام ليفانتي ببناء جدار دفاعي صلب تخلى بموجبه عن الاستحواذ بشكل شبه كامل، وراهن على سلاح واحد فتاك الهجمات المرتدة السريعة التي تستهدف المساحات الشاسعة خلف خط دفاع برشلونة المتقدم.

كانت استراتيجية ليفانتي بمثابة درس في الحرب غير المتكافئة. لقد أدرك كاليرو أن محاولة مجاراة برشلونة في الاستحواذ هي انتحار تكتيكي، فكان الحل هو استدراجهم إلى الأمام ثم لدغهم بسرعة. ظهرت نجاعة هذه الخطة في إحصائية التسلل، حيث وقع لاعبو ليفانتي في مصيدة التسلل 6 مرات، مما يدل على محاولاتهم المستمرة لكسر الخط الخلفي للبارسا.

ترجمت هذه الخطة إلى أهداف. في الدقيقة 15، ومن هجمة مرتدة نموذجية، مر المهاجم إيفان روميرو ببراعة من المدافع الشاب باو كوبارسي وسدد كرة متقنة في الشباك، مستغلاً تمريرة حاسمة من جيريمي تولجان. الهدف كشف عن بطء قلبي دفاع البارسا وسوء تمركزهم، وهي مشكلة حذر منها المحللون.

وقبل نهاية الشوط الأول بلحظات، تعقدت الأمور أكثر على برشلونة. في الدقيقة 45+7، احتسب الحكم هيرنانديز ركلة جزاء مثيرة للجدل ضد أليخاندرو بالدي بعد لمسة يد داخل المنطقة. القرار أثار حفيظة لاعبي برشلونة ومحللين قارنوا الحالة بلقطة مشابهة لتشواميني في الكلاسيكو الماضي لم تحتسب. تقدم القائد المخضرم خوسيه لويس موراليس ونفذها بنجاح، مضاعفاً النتيجة لليفانتي.

أنهى برشلونة المباراة باستحواذ بلغ 82%، لكنه كان استحواذاً سلبياً وعقيماً في الشوط الأول. الدليل الأكبر على ذلك هو إحصائية "الأهداف المتوقعة" (xG)، حيث تفوق ليفانتي بـ 2.17 مقابل 1.87 لبرشلونة. هذا الرقم يثبت أن الفرص القليلة التي صنعها ليفانتي كانت أكثر خطورة وجودة من سيل هجمات برشلونة غير الفعالة، مما يؤكد أن نظام لعب برشلونة نفسه هو من خلق الظروف المثالية لنجاح خطة خصمه.

تغيرات فليك في مبارة برشلونة و ليفانتي

مع تأخر فريقه بهدفين ودخوله غرفة الملابس بوجه غاضب، أثبت هانز فليك قدرته على قراءة المباراة وإجراء تعديلات حاسمة قلبت الطاولة رأساً على عقب. لم تكن تدخلاته مجرد تغيير في الأسماء، بل كانت ثورة تكتيكية أعادت الحياة إلى الفريق الكتالوني.

في شوط المدربين أجرى فليك تبديلين جوهريين مع بداية الشوط الثاني: أشرك غافي بدلاً من مارك كاسادو لضخ الحيوية والضغط في وسط الملعب، وأدخل داني أولمو مكان الوافد الجديد ماركوس راشفورد الذي ظهر تائهاً في أول مشاركة له كأساسي. لكن التغيير الأهم كان تكتيكياً، حيث قام فليك بسحب رافينيا من مركز صانع الألعاب غير المريح له، وأعاده إلى مركزه الطبيعي كجناح أيسر، مما منح بيدري حرية أكبر للتحرك في العمق وخلق توازناً هجومياً مفقوداً.

كانت النتائج فورية ومذهلة. ارتفع نسق برشلونة بشكل كبير، وزادت حدة الضغط وسرعة تدوير الكرة. وفي غضون سبع دقائق فقط، محا برشلونة تفوق ليفانتي. بدأت العودة في الدقيقة 49 بقذيفة من بيدري، ثم أتبعها فيران توريس بهدف التعادل في الدقيقة 52 بعد ركنية نفذها رافينيا.

بعد المباراة، عبر فليك عن فخره برد فعل لاعبيه، قائلاً: "فخور بفريقي، آمنا بقدرتنا على العودة حتى النهاية... هذا الفوز سيساعدنا كثيراً على النمو". واعترف بأن الفريق لم يكن في أفضل حالاته، لكنه أشاد بالروح القتالية. كما أوضح أن استبدال راشفورد كان قراراً تكتيكياً بحتاً لإعادة رافينيا إلى الجناح، وليس بالضرورة حكماً على أداء اللاعب الإنجليزي.

ومع ذلك، فإن هذه التبديلات الناجحة تكشف عن وجهين لعملة واحدة. فبينما تبرهن على مرونة فليك وقدرته على تصحيح الأوضاع، فإنها تثير تساؤلات حول خطته الأولية. حقيقة أن التشكيلة الأساسية كانت غير فعالة إلى هذا الحد، وأن الفريق احتاج إلى تغيير جذري في الهيكل الهجومي ليعود إلى المباراة، تشير إلى أن المدرب الألماني ربما أخطأ في تقديراته الأولية للمباراة أو أنه لا يزال في مرحلة التجريب للوصول إلى أفضل توليفة، وهو أمر قد يكون مقلقاً في بداية الموسم.

دور لامين يامال وبيدري الحاسم في ريمونتادا برشلونة ضد ليفانتي

إذا كانت تعديلات فليك هي الشرارة، فإن العبقرية الفردية لنجمي برشلونة الشابين، بيدري ولامين يامال، كانت الوقود الذي أشعل نار "الريمونتادا". في ليلة بدا فيها الفريق تائهاً جماعياً، حمل هذان اللاعبان الفريق على أكتافهما وقدماه بلحظات من السحر الكروي الخالص.

كان بيدري، الذي اختير رجل المباراة بتقييم 8.6 من FotMob، هو العقل المدبر للعودة. لم يكتفِ بتسجيل الهدف الأول من تسديدة صاروخية مذهلة من خارج منطقة الجزاء أعادت الأمل للفريق، بل كان المحرك الذي لا يهدأ في وسط الملعب. تحركاته الذكية بين الخطوط وتمريراته الدقيقة ساهمت في تفكيك تكتل ليفانتي الدفاعي. بعد المباراة، اعترف بيدري بأن المدربين يطالبونه دائماً بالتسديد أكثر، وقال: "اليوم جربت بتسديدة أولى كانت ضعيفة وفي الثانية نجحت".

أما لامين يامال، فبعد شوط أول هادئ نسبياً، انفجر في الشوط الثاني ليثبت أنه اللاعب القادر على حسم المباريات. حيث صنع هدف بيدري الأول بتمريرة ذكية. وفي الدقيقة 91، عندما بدا أن المباراة تتجه إلى التعادل، أرسل يامال عرضية من الجهة اليمنى، كرة سريعة ومقوسة أربكت دفاع ليفانتي وأجبرت المدافع أوناي إلجيزابال على تسجيلها بالخطأ في مرماه، مانحاً برشلونة النقاط الثلاث. إحصائياته تظهر مدى خطورته، حيث حاول القيام بـ 20 مراوغة خلال المباراة، وهو رقم استثنائي.

تقيم أداء لاعبي برشلونة أمام ليفانتي 

قدمت مباراة ليفانتي صورة واضحة عن أداء لاعبي برشلونة، حيث تألق البعض بشكل لافت بينما عانى آخرون في مواجهة الضغط والتنظيم الدفاعي للخصم. التقييم التالي، المستند إلى بيانات موقع FotMob.

اللاعبالتقيم
جوان غارسيا7.8
إيريك غارسيا7.9
رونالد أراوخو7.2
باو كوبارسي7.0
أليخاندرو بالدي7.2
مارك كاسادو6.7
بيدري8.6 رجل المبارة
لامين يامال8.5
رافينيا8.3
ماركوس راشفورد7.1
فيران توريس8.2
غافي (بديل)6.9
داني أولمو (بديل)7.0
ليفاندوفسكي (بديل)5.7
كوندي6.7
كريستنسن6.4

التصريحات بعد مبارة برشلونة وليفانتي

هانز فليك، مدرب برشلونة، كان واقعياً في تقييمه. بينما عبر عن فخره الكبير بروح الفريق قائلاً: "فخور بفريقي، آمنا بقدرتنا على العودة حتى النهاية" ، لم يتردد في الاعتراف بنواقص الأداء: "لم نكن في مستوانا الحقيقي اليوم". وأكد على صعوبة اللعب ضد الفرق التي تتكتل دفاعياً، مشدداً على ضرورة التحسن في المستقبل. وحول ركلة الجزاء، أبدى انزعاجه لكنه فضل قبول القرار، مصرحاً: "عندما يحدث ذلك تشعر ببعض الغضب لكن علينا أن نتقبل القرار".

على الجانب الآخر، لخص خوليان كاليرو، مدرب ليفانتي، مشاعر فريقه بكلمات مؤثرة. تحدث عن "مرارة الهزيمة التي يصعب تقبلها"، معتبراً أن فريقه استحق الخروج بنقطة على الأقل. وأضاف بأسف: "لم نترك برشلونة جريحاً حتى الموت وبفضل الجودة التي يمتلكها، تمكن من الرد والفوز"، معترفاً بأن الجودة الفردية للاعبي برشلونة كانت العامل الحاسم في النهاية.

من جانب اللاعبين، أظهر بيدري نضجاً كبيراً بتحمله جزءاً من المسؤولية عن الهدف الثاني، قائلاً: "أعتقد أنني السبب في هدف ليفانتي الثاني" بعد أن فقد الكرة في الهجمة التي أدت لركلة الجزاء. لكنه أكد أيضاً على الثقة المطلقة داخل الفريق: "دائماً ندرك كفريق أننا سنقلب النتيجة في حالة التأخر".

تحليل الدقيقة 90 - ثلاث نقاط ثمينة وثلاث أسئلة مقلقة لبرشلونة

1. كيف سيحل فليك معضلة الدفاع أمام الهجمات المرتدة؟

كانت هذه نقطة الضعف الأبرز التي كشفها ليفانتي. فلسفة الخط الدفاعي المتقدم هي جزء أساسي من هوية فليك التكتيكية، ولكن بدون تنظيم أفضل أو لاعبين يمتلكون السرعة الكافية للتغطية مثل إينيغو مارتينيز الذي رحل، فإن هذا النظام سيظل بمثابة دعوة مفتوحة للخصوم الأذكياء لاستغلال المساحات. هل سيقوم فليك بتعديل فلسفته أم سيعمل على تحسين تطبيقها بشكل جذري؟

2. ما هو الدور الأمثل للمهاجم الجديد ماركوس راشفورد؟

 بداية راشفورد الرسمية الأولى محبطة. تجربة إشراكه كجناح أيسر مع وضع رافينيا في العمق فشلت بشكل واضح. يجب على فليك أن يحدد بسرعة أفضل طريقة لدمج المهاجم الإنجليزي في المنظومة للاستفادة من سرعته وقدراته، دون الإخلال بتوازن الفريق. هل هو لاعب أساسي على الجناح، أم بديل مؤثر، أم يمكنه اللعب كمهاجم صريح؟

3. هل الاعتماد على إلهام الشباب حل مستدام للمنافسة على الألقاب؟

بيدري ويامال فازا بالمباراة لبرشلونة. هذه ميزة هائلة، لكن الموسم طويل وشاق ويتطلب استمرارية وثباتاً في الأداء. الاعتماد على لحظات الإلهام الفردي لقلب النتائج ليس استراتيجية يمكن البناء عليها للفوز بالبطولات الكبرى. يحتاج برشلونة إلى بناء هيكل جماعي صلب ومنظومة لعب فعالة يمكنها حسم المباريات حتى في الأيام التي لا يتألق فيها نجومه الشباب، لتجنب الحاجة إلى بطولات فردية في كل مرة يواجه فيها فريقاً منظماً.

تعليقات